كتامة

بقلم: عبدالسلام المساتي

لي صديق افتراضي سويدي الأصل لكنه يعيش بالولايات المتحدة الأمريكية،في أول مرة تحدثنا سألته عما يعرفه عن المغرب ؟فأجابني بالقول :” كل ما أعرفه هو أنه ببلدكم تقع عاصمة الحشيش العالمية كتامة”…صديقي هذا ليس هو الوحيد الذي يختصر المغرب في منطقة كتامة ،بل العديد من السياح الأجانب لا يزورون هذا البلد إلا لأنهم سمعوا الكثير عم كتامة التي ذاع صيتها بكل أرجاء البسيطة..لن نخجل بالقول أن كتامة هي أول منتج بالعالم لنبتة القنب الهندي، ولن نخجل بالقول أن كتامة هي أكثر المناطق فقرا بهذا المغرب الجميل!!
كتامة ليست هي كوبا ولا ا لباراغواي ولا باكستان ،كتامة عالم منفرد بنفسه وكأنه جزء خارج العالم ،كتامة هي تلك المنطقة الجبلية التي تأخذ مكانا ما فوق خريطة هذا المغرب الغريب ،لكنها لا تشبه باقي المناطق جغرافيا و سوسيلوجيا و أنتربولوجيا و اقتصاديا…طبعا لن أقول و سياسيا لأني حينها سأكون مجرد عابث.
كتامة جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب ،أناسها مغاربة بالوثائق الرسمية فقط ،يتكلمون الدارجة المغربية و بعضهم الأمازيغية الريفية ..قليلهم متعلم وجلهم لا يدرك إن كانت العربية تكتب من اليمين إلى اليسار أم من اليسار إلى اليمين! كتامة تحوي إعدادية وحيدة و ثانوية وحيدة و مجموعة مدارس ابتدائية تصلح لأي شيء إلا للتدريس ،لا يحضر إليها الأساتذة إلا مرتين في الأسبوع، ويختفون تماما في أيام تكسو فيها الثلوج كل المنطقة، تغيب الامتحانات و تحدد معدلات التلميذ حسب ما يجلبه من بيض و خبز و خضر للأستاذ الذي يجمد مرتبه طوال الفترة التي يشتغل فيها كتامة !
كتامة هي تلك المنطقة التي تختلف بها المفاهيم، هناك النساء قوامات على الرجال ،هن يشتغلن داخل المنزل و خارجه..والرجال إما بالسجن أو في حالة فرار أبدي ، الرجال هناك يقتتلون بسبب شجرة أرز أو ساقية ماء…أما حياتهم فمختزلة في سيجارة محشوة بالحشيش أو في غليون(سبسي) محشو بالكيف…هناك لا معامل،لا مصانع، لا دور شباب،لا مستشفيات،لا طرق معبدة، لا مركبات…هناك لا وجود للدولة،هناك فقط راية ممزقة ترفرف فوق سطح تلك الجماعة المصدعة جدرانها.
كتامة هي عالم يفتقد للأحلام، هناك يعيش الناس قسوة الواقع فقط، يتوهمون الحلم مع زيارة المرشح البرلماني الفلاني، يعدهم ويبني لهم الجنان الخضراء بكلام حقوقي تصدقه الصخور..ينجح ،يصل إلى القبة، يتخذ مقعدا مريحا و لا يغادره ثانية…يدركون مؤخرا أنهم انتخبوا مرشحا أعرجا لا يقدر على الحركة إلا كل 5 سنوات!!!
كتامة هي تلك القرية التي كل سكانها عاطلون و تصنفهم الدولة في خانة السكان الناشطين، فحسب منطق الدولة المغربية كل من يملك نعزة أو معزة أو دجاجة أو ديك فهو غير عاطل ! لذلك سأعيد قولي أن كتامة جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب.

النظرة الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية

بقلم :عبدالسلام المساتي

في جولة بمدينة فاس العتيقة رفقة المدير العام للمنظمة الدولية «دي في في»(تعليم الكبار)السيد أنطوني مارميلر وزوجته ،صادفنا محلا مختصا في بيع وكراء تجهيزات الأعراس ،من بينها “العماريات ” ،سألني السيد أنطوني عنها فشرحت له أنها تخصص لرفع العروس ليلة زفافها..حينها ضحك عاليا كما ضحكت زوجته وقال:” أنتم ترفعون المرأة ليلة واحدة وتضعونها تحت أرجلكم باقي الحياة”!! استمرا في الضحك ،في حين أحسست وكأني سقيت ثلجا فلزمت الصمت !!
وجدتني أستحضر مشهد الاتحاديات في مؤتمرهن مطالبات بما لم يطالب به الشيطان نفسه، ومشهد نسوة تتظاهرن بالرباط مطالبات بتقنين الدعارة، ومشهد برلمانية عن الحزب الفلاني تمد فخذيها العاريين تحت قبة البرلمان و كأنه في الحمام البلدي..استحضرت مشاهدا حضارية و”حداثية” كثيرة لم يستحضرها أنطوني ولا زوجته،ولا غيرهم من الغربيين. فقد وشموا فوق ذاكرتهم صورة تلك المرأة المعذبة التي تحمل فوق ظهرها أثقالا من الحطب لا يقد البغل على حملها، وشموا فوق ذاكرتهم أيضا صورا لأمهات كثيرات تلدن بالشوارع المقابلة للمستشفيات بدل المستشفيات !!
هذه النظرة الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية ،ليست نظرة دونية وليست نظرة تعالي واحتقار..و إنما هي نظرة نابعة من دراسة عميقة للمجتمع المغربي وتحليل عميق أيضا للبنية المجتمعية باختلاف تجلياتها،إنها النظرة البعيدة عن وهم الصورة التي يحاول المغرب الرسمي والمغرب المدني تسويقها من خلال الاعلام المتواطئ الذي بدوره عرى هذه المرأة تحت مسميات :الحداثة /التقدمية/المساواة..وغيرها من المفاهيم التي توظف بطريقة عشوائية !!
إن الرؤية الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية هي المرآة العاكسة للحقيقة ،فبعض عشرات النساء الحداثيات التقدميات والحقوقيات (نبيلة منيب،بديعة الراضي ،خديجة الريادي…)لسن هن الحقيقة بل الحقيقة هي مي يطو و خالتي الشعيبية ..وغيرهن من المهمشات بجبال الأطلس و هوامش كتامة !إنهن من تشكلن الأغلبية العظمى من نساء المغرب أما التقدميات والبرلمانيات فهن مجرد أقلية لا تتجاوز 7%.
المجتمع الغربي لا يؤمن بوهم الصورة لذلك يجب أن نصلح العمق حتى لا نسمح مرة أخرى لأنطوني و زوجته بأن يسخروا منا..