سيرة الحب والجنس(1)

بقلم عبدالسلام المساتي
بالأزقة كنت أتيه لساعات، كانت الملاعب تتركني جائعا،صبي تجمعه علاقة حب جنونية بساحرة مستديرة، حبي الأول والأخير،هكذا كنت أعتقد أو هكذا كنت أتوهم ،المهم سعادة بوجهها الحقيقي غير المتورم..تمر السنوات فابتسمت الشفاه بمكان ما ،وأطربت الأذن وأغرمت العين..كان للوجه الجميل،والبحة الشمالية الأثر الكبير على النفس والعقل .دون تردد أقسمت بمن في السماء أني لن أتركها لغيري حتى قبل أن تتسنى لي الفرصة بمعرفة من تكون.
في البدء كانت لعبة مسلية، سرعان ما ساد الظلام وأقسم السواد على ألا ينجلي ليصرخ القلب المشئوم عاليا معلنا الحب لمن لا أعلم اسمها، صرخ قلبي فأسكته مرة و مرة و مرة ، لأقرر بعدها أن أصرخ معها”أجل أحبك”،صراخنا ردت آهاته الجبال دون أن يصل إلى ذاك الباب المغلق بإحكام، بحثت طويلا عن المفتاح المناسب لكن دون جدوى. أحيانا كنت أجد النوافذ مفتوحة لكنها لا تسعني للدخول..
قضيت أربع سنوات أطرق الباب بعيون باكية ،وجفون تشكوا، وضمير يؤنب، وعقل تائه ،وقلب يخفق بشدة وعواطف تتوسل “التي” من وراء الباب ،تتوسلها بأن تفتح لكنها لا تفتح…!انقلبت مغادرا ففتح الباب !!بسمتها أنستني السنوات الأربع،حضنها أنسى جفوني سهر الليالي، لمساتها أنست عواطفي توسلها..أحببتها كما أحببت تلك الساحرة في صباي، ولكن ليس لكل المتخيلات أن تصير واقعا، الخيال دائما يرسم الأشياء بشكل خاطئ، لا قدرة له على رسم خط مستقيم..مشيت وراء كل ما رسمه لي مغمض العينين لأجد نفسي على حافة حفرة عميقة ،إما أن أعود إلى الخلف وأنطلق من جديد دون ضمانات و إما أن أقع، فقررت أن أقع!
بالأمس عندما فتحت لي الباب، أدخلتني وأبقتني برفقتها عاما ونصف،فجأة فتحت الباب وطردتني ،خرجت دون مقاومة ولا توسل ..كنت مخنوقا ،فالهواء بالداخل غير مستقر على حال، مرة ينعش الروح ومرة يخنقني. غادرت وأنا ألتفت إلى الخلف كل حين..بنصف الطريق قررت أن أعود لكني وجدتها أغلقت الباب، فهل انتظر أربع سنوات أخرى؟؟ انتظرت أربعة أيام و غادرت للأبد.
نسيت أشياءها و أحاديثها وبحتها الشمالية،تجتاح فكري قبيل النوم فأراها،أناديها فلا تستجيب..تصبحن على خير سيدتي.
في الصباح لا أجدها برفقتي لكني أجد أجسادا عارية ، عاشقة للمس،أناديها فتستجيب،فأنسى التي لا تستجيب قبيل النوم، أنساها في لحظة أنسى فيها من بالأرض ومن بالسماء، لحظة ابليسية عنوانها-اللحس واللمس- تنتهي بسرعة غير مفهومة،فأول من أتذكره هو من بالسماء،الخالق، أما من بالأرض فخلق نادم عن لحظة قضاها برفقة لحم طري. أقسم على التوبة ، أتلو الصفحات المقدسة، أقوم بحركات تصاعدية تنازلية في لحظة تعبدية خالصة..
قبيل النوم أراها مرة أخرى وبالصباح كتب قصة أخرى بطلها جسد آخر وعنوانها هو نفسه-اللمس واللحس-…فتستمر الحكاية..

كتامة

بقلم: عبدالسلام المساتي

لي صديق افتراضي سويدي الأصل لكنه يعيش بالولايات المتحدة الأمريكية،في أول مرة تحدثنا سألته عما يعرفه عن المغرب ؟فأجابني بالقول :” كل ما أعرفه هو أنه ببلدكم تقع عاصمة الحشيش العالمية كتامة”…صديقي هذا ليس هو الوحيد الذي يختصر المغرب في منطقة كتامة ،بل العديد من السياح الأجانب لا يزورون هذا البلد إلا لأنهم سمعوا الكثير عم كتامة التي ذاع صيتها بكل أرجاء البسيطة..لن نخجل بالقول أن كتامة هي أول منتج بالعالم لنبتة القنب الهندي، ولن نخجل بالقول أن كتامة هي أكثر المناطق فقرا بهذا المغرب الجميل!!
كتامة ليست هي كوبا ولا ا لباراغواي ولا باكستان ،كتامة عالم منفرد بنفسه وكأنه جزء خارج العالم ،كتامة هي تلك المنطقة الجبلية التي تأخذ مكانا ما فوق خريطة هذا المغرب الغريب ،لكنها لا تشبه باقي المناطق جغرافيا و سوسيلوجيا و أنتربولوجيا و اقتصاديا…طبعا لن أقول و سياسيا لأني حينها سأكون مجرد عابث.
كتامة جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب ،أناسها مغاربة بالوثائق الرسمية فقط ،يتكلمون الدارجة المغربية و بعضهم الأمازيغية الريفية ..قليلهم متعلم وجلهم لا يدرك إن كانت العربية تكتب من اليمين إلى اليسار أم من اليسار إلى اليمين! كتامة تحوي إعدادية وحيدة و ثانوية وحيدة و مجموعة مدارس ابتدائية تصلح لأي شيء إلا للتدريس ،لا يحضر إليها الأساتذة إلا مرتين في الأسبوع، ويختفون تماما في أيام تكسو فيها الثلوج كل المنطقة، تغيب الامتحانات و تحدد معدلات التلميذ حسب ما يجلبه من بيض و خبز و خضر للأستاذ الذي يجمد مرتبه طوال الفترة التي يشتغل فيها كتامة !
كتامة هي تلك المنطقة التي تختلف بها المفاهيم، هناك النساء قوامات على الرجال ،هن يشتغلن داخل المنزل و خارجه..والرجال إما بالسجن أو في حالة فرار أبدي ، الرجال هناك يقتتلون بسبب شجرة أرز أو ساقية ماء…أما حياتهم فمختزلة في سيجارة محشوة بالحشيش أو في غليون(سبسي) محشو بالكيف…هناك لا معامل،لا مصانع، لا دور شباب،لا مستشفيات،لا طرق معبدة، لا مركبات…هناك لا وجود للدولة،هناك فقط راية ممزقة ترفرف فوق سطح تلك الجماعة المصدعة جدرانها.
كتامة هي عالم يفتقد للأحلام، هناك يعيش الناس قسوة الواقع فقط، يتوهمون الحلم مع زيارة المرشح البرلماني الفلاني، يعدهم ويبني لهم الجنان الخضراء بكلام حقوقي تصدقه الصخور..ينجح ،يصل إلى القبة، يتخذ مقعدا مريحا و لا يغادره ثانية…يدركون مؤخرا أنهم انتخبوا مرشحا أعرجا لا يقدر على الحركة إلا كل 5 سنوات!!!
كتامة هي تلك القرية التي كل سكانها عاطلون و تصنفهم الدولة في خانة السكان الناشطين، فحسب منطق الدولة المغربية كل من يملك نعزة أو معزة أو دجاجة أو ديك فهو غير عاطل ! لذلك سأعيد قولي أن كتامة جزء من المغرب الذي لا ينتمي للمغرب.

النظرة الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية

بقلم :عبدالسلام المساتي

في جولة بمدينة فاس العتيقة رفقة المدير العام للمنظمة الدولية «دي في في»(تعليم الكبار)السيد أنطوني مارميلر وزوجته ،صادفنا محلا مختصا في بيع وكراء تجهيزات الأعراس ،من بينها “العماريات ” ،سألني السيد أنطوني عنها فشرحت له أنها تخصص لرفع العروس ليلة زفافها..حينها ضحك عاليا كما ضحكت زوجته وقال:” أنتم ترفعون المرأة ليلة واحدة وتضعونها تحت أرجلكم باقي الحياة”!! استمرا في الضحك ،في حين أحسست وكأني سقيت ثلجا فلزمت الصمت !!
وجدتني أستحضر مشهد الاتحاديات في مؤتمرهن مطالبات بما لم يطالب به الشيطان نفسه، ومشهد نسوة تتظاهرن بالرباط مطالبات بتقنين الدعارة، ومشهد برلمانية عن الحزب الفلاني تمد فخذيها العاريين تحت قبة البرلمان و كأنه في الحمام البلدي..استحضرت مشاهدا حضارية و”حداثية” كثيرة لم يستحضرها أنطوني ولا زوجته،ولا غيرهم من الغربيين. فقد وشموا فوق ذاكرتهم صورة تلك المرأة المعذبة التي تحمل فوق ظهرها أثقالا من الحطب لا يقد البغل على حملها، وشموا فوق ذاكرتهم أيضا صورا لأمهات كثيرات تلدن بالشوارع المقابلة للمستشفيات بدل المستشفيات !!
هذه النظرة الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية ،ليست نظرة دونية وليست نظرة تعالي واحتقار..و إنما هي نظرة نابعة من دراسة عميقة للمجتمع المغربي وتحليل عميق أيضا للبنية المجتمعية باختلاف تجلياتها،إنها النظرة البعيدة عن وهم الصورة التي يحاول المغرب الرسمي والمغرب المدني تسويقها من خلال الاعلام المتواطئ الذي بدوره عرى هذه المرأة تحت مسميات :الحداثة /التقدمية/المساواة..وغيرها من المفاهيم التي توظف بطريقة عشوائية !!
إن الرؤية الغربية الكلاسيكية للمرأة المغربية هي المرآة العاكسة للحقيقة ،فبعض عشرات النساء الحداثيات التقدميات والحقوقيات (نبيلة منيب،بديعة الراضي ،خديجة الريادي…)لسن هن الحقيقة بل الحقيقة هي مي يطو و خالتي الشعيبية ..وغيرهن من المهمشات بجبال الأطلس و هوامش كتامة !إنهن من تشكلن الأغلبية العظمى من نساء المغرب أما التقدميات والبرلمانيات فهن مجرد أقلية لا تتجاوز 7%.
المجتمع الغربي لا يؤمن بوهم الصورة لذلك يجب أن نصلح العمق حتى لا نسمح مرة أخرى لأنطوني و زوجته بأن يسخروا منا..